كتب عمران ملا أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أثارت أسئلة جوهرية حول ما إذا كانت إسرائيل تتدخل في تحقيق أممي جارٍ حول مزاعم سلوك غير لائق نُسبت إلى خان.
أوضح ميدل إيست آي أن مكتب خدمات الرقابة الداخلية في الأمم المتحدة يحقق منذ أواخر العام الماضي في شكوى تقدمت بها موظفة واحدة من المحكمة ضد خان، الذي نفى الاتهامات بشكل قاطع.
لكن نتنياهو زعم في مقابلة مع "برايتبارت نيوز" أن أربع نساء إضافيات اتهمن خان، وهو أمر لم يسبق أن طُرح علنًا.
ورد خان عبر متحدثه الرسمي مؤكداً أنه لا يعرف شيئًا عن أي مزاعم جديدة، وأن ما قاله نتنياهو يثير تساؤلات عميقة بشأن تدخل دولة في مسار يفترض أن يكون سريًا وعادلًا.
أشار المتحدث باسم خان إلى أن المدعي العام علم فقط بوجود شكوى واحدة وبشخص ثانٍ ورد ذكره في تقرير لصحيفة الجارديان، والذي اعتُبر شاهدًا لا شاكياً.
ورأى خان أن تصريحات نتنياهو، الذي يواجه أمر توقيف من المحكمة ذاتها، محاولة لتشويه المحكمة والمدعي العام شخصيًا.
اتهمت الجارديان لاحقًا بأن امرأة ثانية تحدثت عن وقائع تعود إلى عام 2009 حين عملت متدربة لدى خان، مدعية أنه مارس ضغوطًا عليها لمحاولة إقامة علاقة.
غير أن خان، وفق متحدثه، نفى جميع أشكال السلوك غير اللائق، واعتبر أي ربط بين هذه المزاعم وقراره في 2024 بملاحقة نتنياهو ويوآف جالانت ادعاءً باطلًا.
كشف التقرير أن تصريحات نتنياهو جاءت قبل نشر الجارديان خبرها الحصري، ما جعل خان يربط بين التوقيت والنية في محاولة للتأثير على التحقيق الأممي.
وأكد أن سلوك إسرائيل يعكس سعيًا واضحًا لتقويض التحقيقات التي قد تُفضي إلى إدانة مسؤولين إسرائيليين بجرائم حرب في غزة والضفة الغربية.
قالت محامية من المحكمة الجنائية الدولية لميدل إيست آي إن مجموعة داخل المحكمة نفسها تعمل لتقويض خان بسبب سعيه لإصدار مذكرات توقيف ضد قادة إسرائيليين.
وأشارت إلى أنها تلقت استفسارًا حول ما إذا كان خان قد تصرف معها بشكل غير لائق لكنها نفت ذلك تمامًا، معتبرة أن محاولات "تصنيع" اتهامات ضد خان تجري بشكل منظم.
أوضح المتحدث أن هذه الجهود وصلت إلى مستوى خطير بمحاولة نشر شائعات مسيئة تتعلق بابنة خان بالتبني، عبر الادعاء الكاذب بأنها كانت ضحية اتجار بالبشر، وهو ما اعتُبر حملة متعمدة لتشويه صورته.
أفادت مصادر داخل المحكمة بأن الضغوط على خان بدأت في أبريل 2024 حين استعد لتقديم طلبات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق جالانت، ثم تصاعدت لاحقًا مع سعيه لاستهداف وزراء آخرين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. كما تلقى تهديدات مباشرة من سياسيين بارزين مثل ديفيد كاميرون وليندسي غراهام، وتعرض لحملات تشويه إعلامية وتسريبات متعمدة.
أحد القضاة السابقين في المحكمة، كونو تارفسر، قال لميدل إيست آي إنه "شعر بقلق عميق" من الطريقة التي تجري بها الإجراءات ضد خان، معتبراً أن الرجل يُعاقب على استقلاليته ونزاهته الفكرية.
وأكد قاضٍ آخر، فضّل عدم ذكر اسمه، أن إعلان اسم خان كموضع شكوى يمثل خرقًا واضحًا لحقه في الخصوصية.
كشفت تقارير أخرى أن وجود فريق من جهاز الموساد في لاهاي زاد المخاوف على سلامة خان، بينما حاولت جهات أمريكية وإسرائيلية دفع المحكمة نحو تجميد مذكرات التوقيف.
كما سعى مسؤولون بارزون لوقف خان عبر محاولات فاشلة لتعليقه عن العمل، قبل أن يقرر أخذ إجازة منتصف مايو 2025 بعد إنجازه ملفات استهداف وزراء جدد.
أوضح المقال أن الضغوط الخارجية ترافقها محاولات تشويه سمعة المدعي العام داخليًا، وأن التحقيقات المتعلقة بادعاءات السلوك غير اللائق تستخدم كورقة ضغط سياسية.
وأكد المتحدث باسم خان أن أي محاولة للربط بين هذه الادعاءات ومذكرات التوقيف باطلة بالكامل، إذ بدأ الإعداد لهذه المذكرات قبل ظهور أول شكوى.
أخيرًا، اعتبر مراقبون أن نتنياهو يسعى عبر هذه الادعاءات لتبرير موقفه أمام الرأي العام والتقليل من خطورة الملاحقات القضائية التي تستهدفه.
ومع ذلك، يرى الخبراء أن خطورة التدخل الإسرائيلي تكمن في الإضرار بمصداقية المحكمة الجنائية الدولية نفسها، في وقت تتجه فيه الأنظار العالمية إلى مدى استقلاليتها وقدرتها على ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب دون تسييس.
https://www.middleeasteye.net/news/netanyahu-karim-khan-allegations-four-women-icc